قال شمروخ
جِسمي معي غَيرَ أنّ الرّوحَ عندَكمُ ..... فالجسمُ في غُرْبَةٍ وَالرّوحُ في وَطَنِ
فَليَعجَبِ النّاسُ منّي أنّ لي بَدَناً ..... لا رُوحَ فيهِ، وَلي رُوحٌ بـلا بَـدَنِ .
وقال ابن الجهم
فارَقتُكمُ وَحَيِيتُ بَعدَكُمُ ..... ما هكذا كـانَ الـذي يَجِـبُ
فالآنَ ألقَى النّاسَ مُعتَذِراً ..... من أنْ أعِيشَ وأنتمُ غَيَبُ .
وقال خالد الكاتب :
رُوحانِ لي، رُوحٌ تَضَمَنّهَا ..... بَلَدٌ، وَأُخرَى حَازَها بَلَدُ
وَأظُنّ غَائِبَتي كَشَاهِدَتي ..... بمَكانِها تَجِدُ الـذي أجـدُ
وقال شاعر - غير منسوبة -
غابُوا، فَصَارَ الجِسْمُ من بَعدِهم ..... مَا تَنظُرُ العَينُ لَهُ فَيّا
بِـأيّ وَجـهٍ أتَلَقّاهُـمُ ..... إذا رَأوْنـي بَعدَهُـمْ حَـيّـا
يا خجلَتي مِنهُ، وَمِنْ قَوْلِهِ ..... مَا ضرّكَ الفَقدُ لَنَا شَيّا .
وقال آخر - غير منسوبة -
يا حيَائي مِمّنْ أُحِبّ، إذا مَا ..... قالَ بَعـد الفِـراق: إنـي حَييـتُ
لَوْ صَدقتَ الهَوَى حَبيباً، عَلى الصّ ..... حّةِ لمَا نَأى، لكُنتَ تموتُ .
وقال آخر - غير منسوبة -
ما ناح في أعلى الغصون الهزار ..... إلاّ تشوقت لتلك الديار
ولا سرى من نحوكم بارق ..... إلاّ وأجريت الدموع الغزار
وا أسفي أين زمان الحمى؟ ..... وأين هاتيك الليالي القصار؟
واحر قلبي فمتى نلتقي ..... وتنطفي من داخل القلـب نـار
وأنظر الأحباب قد واصلوا ..... ويأخذ الوصل من الهجر ثار
أقول للنفس ابشري باللقا ..... قد واصل الحب وقر القرار .
ويقول ابن زريق البغدادي
لا تعذليه فإن العذل يولعه *** قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
جاوزت في لومه حداً أضر به *** من حيث قدرت أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً *** من عذله فهو مضنى القلب موجعه
قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله *** فضلعت من خطوب الدهر أضلعه
يكفيه من لوعة التفنيد أن له *** من النوى كل يوم ما يروعه
ما آب من سفر إلا وأزعجه *** رأي إلى سفر بالبين يجمعه
تأبى المطالب إلا أن تجشمه *** للرزق كدحاً وكم ممن يودعه
كأنما هو من حل ومرتحل *** موكل بفضاء الأرض يذرعه
إن الزمان أراه في الرحيل غنى *** ولو إلى السد أضحى وهو يزمعه
وما مجاهدة الإنسان واصلة *** رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه
قد وزع الله بين الخلق رزقهم *** لم يخلق الله من خلق يضيعه
لكنهم كلفوا حرصاً فلست ترى *** مسترزقاً وسوى الغايات تقنعه
والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت *** بغي ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه *** إرثاً ويمنعه من حيث يطعمه
أستودع الله في بغداد لي قمراً *** بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني *** صفو الحياة وأني لا أودعه
كم قد تشفع بي أن لا أفارقه *** وللضرورة حال لا تشفعه
وقد تشبث بي يوم الرحيل ضحى *** وأدمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله ثوب الصبر منخرق *** عني بفرقته لكن أرقعه
إني أوسع عذري في جنايته *** بالبين عني وجرمي لا يوسعه
رزقت ملكاً فلم أحسن سياسته *** وكل من لا يسوس الملك يخلعه
ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا *** شكر عليه فإن الله ينزعه
اعتضت من وجه خلي بعد فرقته *** كأساً أجرع منها ما أجرعه
كم قائل لي ذقت البين قلت له *** الذنب والله ذنبي لست أدفعه
ألا أقمت فكان الرشد أجمعه *** لو أنني يوم بان الرشد أتبعه
إني لأقطع أيامي وأنفدها *** بحسرة منه في قلبي تقطعه
بمن إذا هجع النوام بت له *** بلوعة منه ليلي لست أهجعه
لا يطمئن لجنبي مضطجع وكذا *** لا يطمئن له مذ بت مضجعه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني *** به ولا أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيد *** عسراء تمنعني حقي وتمنعه
قد كنت من ريب دهري جازعاً فزعاً *** فلم أوق الذي قد كنت أجزعه
بالله يا منزل العيش الذي درست *** آثاره وعفت مذ بنت أربعه
هل الزمان معيد فيك عيشتنا؟ *** أم الليالي الذي أمضته ترجعه
في ذمة الله من أصبحت منزله *** وجاد غيث على مغناك يمرعه
من عنده لي عهد لا يضيعه *** كما له عهد صدق لا أضيعه
ومن يصدع قلبي ذكره وإذا *** جرى على قلبه ذكري يصدعه
لأصبرن لدهر لا يمتعني *** به ولا بي في حال يمتعه
علماً بأن اصطباري معقباً فرجاً *** فأضيق الضيق إن فكرت أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا *** جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه
وإن تنل أحداً منا منيته *** فما الذي بقــضاء الله يصنعه
__
لكم مني أرق التحايا
سعد عادل